قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:
وبعد ذات الكرسي، نأتي على ذكر حامل رأس الغول، وهي صورة رجل طويل. وهذا الرجل يحمل في يده رأس غول مرعب. ويسمى حامل رأس الغول برشاوش عند الروم، وهو بالإنجليزية Perseus. فصورة هذه النجوم عند الروم، يمثلها برشاوش، الرجل الذي قتل الغول واجتز رأسه.
نجوم برشاوش محاطة بعدة نجوم شهيرة، فهي تقع بين نجوم ذات الكرسي التي تشرق قبلها والعيوق والثريا اللذين يشرقان بعدها، وتقع بين نجم الجدي ونجوم برج الحمل وأوضحها الناطح. وبينها وبين الجدي بقعة من السماء ليس فيها نجم نير.
وأول نجوم صورة برشاوش، نجم خفي، يصفه الروم بالسحابي، والمقصود بالسحابي ما نسميه اليوم بالسديم. وهذا السديم هو السديم المزدوج، NGC 884 وكنّا ذكرنا في شرح ذات الكرسي أن العرب تخيلته وسماً للناقة، وذلك أنه يقع على الفخذ منها. وللعرب أيضاً فيه مخيلة أخرى حيث جعلوه معصماً ليد الثريا الممدودة ولذلك يسمّى المعصم. ويقع هذا السحابي أو السديم على ساعد برشاوش فوق رأسه.
ويتبع هذا السديم بعض النجوم النيِّرة. أحد هذه النجوم يقع على الجنب من برشاوش ويسميه العرب المرفق، أي مرفق الثريا. ويتبع المرفق في الطلوع نجم يقاربه في اللمعان يسميه الروم رأس الغول، وورد عن العرب أن هذا هو عناق الأرض وليس النجم الآخر، كما قال عنه الصوفي: وروى آخرون أن العناق هو النير الذي على رأس الغول من صورة برشاوش، وذلك أنهم حكوا أن العناق هو الكوكب الأزهر الذي لايجاوره كوكب إلا كوكبان صغيران كأنه بهما النسر الواقع، وليس هناك كوكب بهذه الصفة إلا النيِّر الذي على رأس الغول. انتهى كلام الصوفي. وربما أن نفس الاسم أطلق على النجمين.
وبعد المرفق نجمان خفيّان، يسميهما العرب العضد، ويقصدون به عضد الثريا
وتبصر تحت جنب برشاوش نجمين آخرين، وهما أقرب للغول من المرفق، أحدهما يسمى المأبض وهو القريب من النجم اللامع الذي يدعى المرفق. والنجم الآخر يسمّى الإبرة ويقصد به إبرة المرفق، والمأبض وإبرة المرفق كلاهما في وسط المجرة. والمأبض هو باطن المرفق وإبرة المرفق هي طرف عظم المرفق.
وقريب من نجم رأس الغول نجمان يقعان على رجل من رجلي برشاوش، وحول هذين النجمين، نجوم خفية وبعضها نيِّر. ومن جملة هذه النجوم نجمان يسميهما العرب العاتق ويعنون به عاتق الثريا. وقال الراجز أن العرب تلقبهما بعاتق النجم، والعرب تسمي الثريا النجم. لذلك إذا قرأت في الكتب القديمة أوفي الشعر اسم النجم مجرداً فأكثر مايقصد به الثريا. وذكر ابن كثير رحمه الله في معنى قوله تعالى: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } قال ابن أبي نجيح عن مجاهد: يعني. بالنجم: الثريا إذا سقط مع الفجر، وكذا روي عن ابن عباس وسفيان الثوري، واختاره ابن جرير.
وهكذا نرى أن أكثر نجوم برشاوش هي عند العرب يد الثريا الممدودة، فأقربها للثريا يسمّى العاتق ثم المنكب ثم العضد ثم المأبض وهو باطن المرفق ثم المرفق وإبرة المرفق ثم الساعد ثم المعصم ثم يتلوها نجوم ذات الكرسي وهي كف الثريا الخضيب.
- أفضل الأوقات لرصد نجوم برشاوش أو يد الثريا هي أشهر الخريف، سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر، حيث تكون ظاهرة طوال ساعات الليل.