قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:
ويتبع ماسبق كواكبٌ تسمى الفرس منها كواكب كثيرة لامعة كالقبس.
وشبهت الروم هذه النجوم بصورة فرس عظيم. لهذا الفرس جناح ويدان ولكن ينقص من الصورة الرجلان، وينقص منها أيضاً العسيب والقطاة والكفل، والعسيب هو منبت شعر الذيل والقطاة هي المكان من ظهر الفرس الذي يكون عليه الرديف خلف الصهوة والكفل هو مؤخرة بدن الفرس. والمقصود أن صورة الفرس هي صورة لنصف جسم الفرس الأمامي وليس فيها النصف الخلفي الذي يحوي القطاة والكفل والذيل.
وهذا الفرس يربو من الليث إذا استقل، يعني أن الفرس يشتد النَفَس عنده من العدو فزعاً من الليث، إذا الليث ارتفع في السماء، وهو يقصد أنه إذا ارتفعت كوكبة الأسد شرقاً، غابت وهربت منها كوكبة الفرس غرباً، والربو هو اشتداد النفس عند الفرس من العدو والفزع.
وترى على رأس الفرس نجمين بينهما من البعد شبرين، والشبر بمقياس الصوفي هو 47 دقيقة قوسية، يعني بمقياسنا الحديث 94 دقيقة، ولقد وجدت القياس بين هذين النجمين يساوي درجة و34 دقيقة، ويساوي ذلك 60 + 34 = 94 دقيقة، فانظر مدى دقة الصوفي في القياس قبل ألف سنة. هذان النجمان يسميهما العرب سعد البهام. وذكر الصوفي الأب أنهما يسميان أيضاً سعد البهائم وسعد النهى. ويطلع بعد طلوعهما ووضوح نورهما كوكب.
وبعد طلوع هذا النجم يطلع نجمان خفيان قريبان من سعد البهام، وهما في الصورة على مَعْرَفَة الطِرْف، والمَعْرَفَة هي منبت شعر الفرس من العنق، والطِرف هو الكريم من الخيل، والمعنى أن هذين النجمين في الصورة على عنق الفرس. وهذا هو قول من لا نشك في علمه. واسم هذين النجمين عند العرب سعد الهمام.
ويطلع من بعدهما نجمان خفيان يقعان من الفرس على لَبَانه، أي على وسط صدره ويسميهما العرب سعد البارع وهما قريبان من نجم لامع هو أحد نجمي الفرغ المقدم.
ويطلع بعد هذين النجمين سعد مطر وهو نجمان أيضاً، أحدهما خافت لايكاد يُرى والآخر مضيء كالقبس وهما من صورة الفرس على ركبته.
وفي صورة هذا الطِرف أربع نجوم مضيئة على شكل مربع واسع، يسمي العرب الأولين منهما الفرغ المقدم أو الفرغ الأول أو ناهزي الدلو المقدمين ويسميان أيضاً العَرقوة العليا، ويسمى التاليين الفرغ المؤخر أو الفرغ الثاني أوناهزي الدلو المؤخرين ويسميان أيضاً العَرقوة السفلى. والأربعة معاً تسمّى الدلو.
وفي وسط هذه النجوم الأربعة نجمان هما من الصورة في مكان مَرْكَل الحصان أي مكان مايركل الراكب برجله على بدن الحصان، وهذان النجمان تسميهما العرب الكَرَب، والكرب هو الحبل الذي يلف على العرقوتين ويتصل بالرشاء. ولهذين النجمين اسم آخر هو النعام.
البقعة بين الفرغ المؤخر والسمكة وساكب الماء تسمى بلدة الثعلب.