قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:
ويتبع نجوم ممسك الأعنّة النجوم التابعة لكوكبة الحوّاء ونجوم كوكبة الحية وهاتان الكوكبتان تظهران في صورة رجل يقبض بكلتي يديه على حيّة طويلة عظيمة. وقد تكلمنا عن جملة من أخبارها حين ذكرنا صورة الجاثي على ركبته. وهاتان الصورتان عند العرب مرتبطتان، حيث تخيلوا النجوم التابعة لهما كصورة روضة فيها راعي مع كلابه وأغنامه وصغارها، ويحد الروضة من جانبيها سطران منتظمان من النجوم.
وأول النجوم التي نبدأ بذكرها هنا هو نجم يظهر في صورة الحوّاء قريب من الأنف والفم . في الصورة التي نستعملها في الشرح والمأخوذة من مخطوطة مكتبة باريس الوطنية، يظهر هذا النجم قريباً من العين، ولكن في مخطوطة بودليان ، وهي أقدم المخطوطات وكاتبها هو ناظم هذه الأرجوزة، وُضِعَ هذا النجم على الخد قريباً من الأنف. وعلى أي حال فليس هناك خلاف في تحديد نجم الراعي.
للتكبير، مرر المؤشر فوق الصورة واستخدم المسطرة المنزلقة، أو عجلة الفأرة، وللذهاب إلى الى الموقع الأصلي، اضغط على المربع Go to source في أعلى اليمين
وهذا النجم يكَوِّن مع نجمي النسر الواقع والنسر الطائر مثلثاً واسعاً متساوي الأضلاع تقريباً. وهذا النجم يسميه العرب الراعي.
ويتبع هذا النجم نجم له ضياء يوجد على منكب ممسك الحباب، والحُباب هي الحيّة، وابن الصوفي يقصد بذلك النجم الموجود في الصورة على كتف الحوّاء الممسك بالحيّة. هذ النجم يسميه العرب كلب الراعي.
وإذا نظرنا إلى صورة الجاثي مع صورة الحوّاء والحيّة، نجد أن الراعي له كلبان أحدهما على رأس الجاثي والآخر على كتف الحواء.
ثم يبتديء بالقرب من كف الجاثي على ركبته سطر من نجوم نورها جلي واضح، بعضها موجود على صورة الحية وبعضها موجود على يد الحوّاء. وهذا السطر من النجوم طويل يملأ طرف الناظر، ويسميه العرب النسق اليماني. وسمي هذا النسق يمانياً لأن نجومه تغيب ناحية الجنوب الغربي بينما تغيب نجوم النسق الشامي ناحية الشمال الغربي.
يمكن التعرف على نجوم النسق اليماني عموماً بكونها بين الراعي وقلب العقرب من جهة وبين السماك الرامح والنعايم من جهة أخرى. وتتضح أكثر حين تظهر ممتدة أفقياً فوق برج العقرب إذا كان في الأفق الجنوبي الغربي.
وروى قوم أن النجوم بين النسق اليماني والنسق الشامي تسميها العرب الأغنام، وقد سبق لنا توضيح نجوم النسق الشامي عند شرح كوكبة الجاثي على ركبته.
وأما البقعة من السماء بين النسقين فاسمها عند العرب الروضة، وذكر الراجز أنه سمع أن اسم النجوم الخافتة في الروضة النَقَد، والنَقَد جمع نَقَدة وهو الصغير من الغنم.
إذا جمعنا صورة الحوّاء والحيّة مع صورة الجاثي على ركبته، تعرفنا كيف تخيل العرب القدماء نجوم هاتين الكوكبتين، فهي نسقان من النجوم تسمّى النسق الشامي والنسق اليماني وبينهما بقعة تسمى الروضة وألمع النجوم في هذه الروضة هو الراعي وكلباه، والنجوم الباقية هي الأغنام والخافتة منها هي النَقَد، أي صغار الأغنام.
والعرب في العادة إذا شبّهت مجموعة من النجوم بنوع من الحيوانات فهي تسمِّي النجوم الخافتة منها بأسماء صغارها، مثل الظباء وأولاد الظباء، والضباع وأولاد الضباع، والخيل وأفلاء الخيل، وهنا نجد أن العرب سمّت مجموعة النجوم في الروضة بالأغنام والخافتة منها بالنَقَد.
في بعض المخطوطات ورد وصف النسق اليماني كالتالي:
نجد هنا كلمة الجبهة بدلاً من الحيّة كما هو موجود في الأرجوزة.
ونلاحظ أن بعض النساخ أخطأ في نسخ كلمة الحية ظاناً أنها الجبهة وهذا يسمى تصحيفا. ونستطيع أن نعرف أن هذا خطأ لأن نجوم النسق اليماني لايوجد منها نجم على الجبهة بل كلها على الحيّة ويد وجسد الحوّاء.