قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:
وبعد الميزان، تظهر نجوم العقرب، ومعظم نجومها نيِرة، ولقد سماها العرب القدماء الصورة. وهي من الكوكبات التي يشاكل اسمها صورتها، فهي شبيهة بالعقرب.
ذكر ابن قتيبة الدينوري والمرزوقي أن العقرب تسمّى الصورة، أي أن نجوم الإكليل والقلب والنياط والفقار والشولة وإبرة العقرب تسمّى جميعاً الصورة.
ذكر الراجز أن نجوم العقرب تسمّى أُسْد الشتاء في أكثر البلاد، ولم أجد هذا الاسم عند ابن قتيبة ولاعند المرزوقي، كما أن الصوفي لم يذكره في كتابه. وبحثت عنه عند أسماء النجوم التي استقصاها المستشرق الألماني كونيتش ولكنه أيضاً لم يذكره. والمعروف أن أهل الطائف وماحولها يسمّون وقت الشتاء مابين الثلث الأول من ديسمبر إلى الثلث الأول من يناير الأسدية، وفي هذا الوقت تكون نجوم العقرب قد طلعت شرقاً وقت الفجر. وللاستزادة انظر حساب الرقيب وحساب ابن عميرة للنجوم عند أهل الطائف وماجاورها. وهذا يلائم تماماً ماذكره الراجز.
الأسدية بحساب الرقيب
الأسدية بحساب ابن عميرة
والناس جميعاً من عرب وعجم تعرف العقرب نظراً لشكلها الواضح المميز. ومن نجومها نجم ساطع يغلب على لونه الحمره، يبدو للناظر كأنه جمرة. هذا النجم اسمه عند العرب القلب، ويعنون به قلب العقرب، وقد ذكروه في شعرهم ونثرهم.
ونجم القلب يتبعه نجم ويسبقه نجم، وهذان النجمان المحيطان بالقلب يسميان النياط. ويتبع هذه النجوم النيِّرة نجم خافت هو أحد نجمي شولة العقرب.
ويتبع النياط نجم خافت ويأتي بعده نجمٌ له لمعان، وبين النجمين مسافة شبر، وهما في صورة كوكبة العقرب على الإبرة. هذان النجمان يسمّيان الشولة. وقد ذكر الراجز أن هذا النجم منحوس، وهذا من التشاؤم الجاهلي الذي أبطله الإسلام، فليس للنجوم أي أثر على البشر أو على المطر، وإنما هي علامات على فصول السنة. وبالقرب من الشولة ماذكر ابن قتيبة أنه يسمى إبرة العقرب، كأنه لطخة غيم. ويقصد بذلك السديم المسمّى M7. وهذا السديم عبارة عن حشد من النجوم يبدو للناظر كأنه سحابة بيضاء خفيفة. ولذلك يستحسن أن نسمّي هذا السديم بسديم إبرة العقرب.
والقلب مع النسر الواقع لهما اسم عند العرب وهو الهرّاران. وسبب التسمية أن طلوع نجم قلب العقرب يوافق طلوع النسر الواقع فجراً وقت شدة البرد، والهرير هو صوت الكلب دون النباح من قلة صبره على البرد، والعرب شبهت الشتاء بالكلب، وجاء في أسجاعهم: إذا طلع القلب، جاء الشتاء كالكلب، وصار أهل البوادي في كرب.
معنى كلام الراجز: وقد شرحنا الاختلاف في جبهة العقرب التي يعتقد الرواة أنها الإكليل عند ذكر كوكبة الميزان، وبينّا ذلك بيانا لا يدع مجالاً للشك.
والظاهر لي أن الإكليل هو حسب ماذكر الرواة أنه جبهة العقرب لوضوحها وانتشار هذا الاسم لها إلى وقتنا الحاضر.
مابين نجوم القلب والنياط وبين الشولة يوجد عدد من النجوم على شكل مقوس. هذه النجوم يسميها العرب الفقار، ويعنون بها خرزات ذيل العقرب.
صورة العقرب عند العرب تزيد على الصورة اليونانية حيث أن العرب يعتبرون نجمي كفتي الميزان هما يدا العقرب ويسمونهما الزبانى.