صور الكوكبات السماوية

ممسك الأعنّة

الفهرس الكوكبات

ذِكْر ممسك الأعنّة

قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:

  1. تتبعه كواكب العنّازِ
    و هي التي تعرف بالحِجَازِ
  2. بممسك الغاية والأعنّة
    يفرين نوراً حجب الدجنة
  3. ترى على هامته نجمين
    بينهما شبران مظلمين
  4. حولهما كواكب كثيرة
    ليسوا لأهل رصد مذكورة
  5. في بقعة من السماء خالية
    من النجوم النيرات البادية
  6. متصلات كلهن بالظبا
    تعرفها الأعراب قدماً بالخبا
  7. فيهن نجم مشرق عظيم
    تصغر عن مقداره النجوم
  8. يطلع قبل مطلع الفنيقِ
    تعرفه الأعراب بالعيّوقِ
  9. وقد يُسمى برقيب النجم
    بذلكم يخبر أهل العلم
  10. وهو الذي سبقنا بذكره
    خويلد بن خالد في شعره
  11. وغيرُهُ يذكر في الأمثال
    و هو على منكب ذى الشمال
  12. يتلوه نجمٌ دونه في العِظَمِ
    لكنّه غير خفي مظلمِ
  13. وبعده نجمان يتبعانه
    و في وفور النور يشبهانه
  14. هنّ على مثلث طويل
    يطلعن من بعد طلوع الغول
  15. يعرِف بالعنز الفريد منها
    أهل البوادي وسمعت عنها
  16. تلقيبها كلي الأثنين
    التاليين العنز بالجديين
  17. وكل هذي الأنجم اللوامع
    تُعرفُ بالأعلام والتوابع

العنّاز و ممسك الأعنة

وبعد كوكبة برشاوش، تأتي كوكبة ممسك الأعنة، وتسمى بالعنّاز وهذا الاسم أتى من الصورة الإغريقية لهذه النجوم، فهي عبارة عن رجل يحمل عنزاً وجديين، ويقود عربة ممسكاً بأعنة الخيل التي تجرها، وأحياناً كما ورد في الصورة التي في مخطوطة الصوفي يظهر هذا الرجل حاملاً معه راية.

أحد الصور التي تمثّل كوكبة ممسك الأعنّة ويظهر فيها رجل ممسكاً بالعنان وحاملاً للعنز والجديين. الصورة من موقع Urania's Mirror وحقوقها لـ © Ian Ridpath.

ومعنى قول الراجز، وهي التي تعرف بالحجاز بممسك الغاية والأعنّة، أي ممسك الراية وممسك الأعنة، فالغاية في اللغة هي الراية وورد في الحديث: أَنَّ النبيّ، صلى الله عليه وسلم، قال في الكوائنِ قبلَ الساعَةِ منها هُدْنَةٌ تكونُ بَيْنَكُم وبين بني الأَصْفرِ فيَغْدِرُون بِكُمْ وتَسِيرُون إليهم في ثمانينَ غايةً تحت كلِّ غايَةٍ اثْنا عَشَر أَلْفاً؛ الغايَةُ والرَّاية سواءٌ.

وأما قوله "أنها تعرف بالحجاز" بهذا الاسم فهو يقصد أنها عند العرب تعرف بممسك الغاية وممسك الأعنة، ولكن الظاهر أن اسم العنّاز وممسك الغاية وممسك الأعنة ليست من الأسماء المعروفة عند العرب ولكنها ترجمة الاسم الإغريقي لهذه النجوم.

ثم ذكر الراجز أن هذه النجوم يفرين حجب الدجنة، أي أنها من النجوم اللامعة التي تهتك أستار الظلام.

الخبا

ترى على هامته نجمين
بينهما شبران مظلمين
حولهما كواكب كثيرة
ليسوا لأهل رصد مذكورة
في بقعة من السماء خالية
من النجوم النيرات البادية
متصلات كلهن بالظبا
تعرفها الأعراب قدماً بالخبا

وترى على رأس ممسك الأعنّة نجمين، والمسافة بينهما شبران، وحول هذين النجمين نجوم كثيرة لم يذكرها أهل الرصد الذين دونّوا بيانات النجوم وذلك لأن هذه النجوم كلها نجوم ضئيلة النور في بقعة من السماء ليس فيها نجم ساطع. وهذه البقعة هي التي بين العيّوق وتتصل بنجوم الظباء عند الحوض قرب رأس الدب الأكبر. والعرب تسمي هذه البقعة الخباء لشبهها به.

العيّوق

فيهن نجم مشرق عظيم
تصغر عن مقداره النجوم
يطلع قبل مطلع الفنيقِ
تعرفه الأعراب بالعيّوقِ
وقد يُسمى برقيب النجم
بذلكم يخبر أهل العلم
وهو الذي سبقنا بذكره
خويلد بن خالد في شعره
وغيرُهُ يذكر في الأمثال
و هو على منكب ذى الشمال

وفي هذه النجوم نجم شديد اللمعان يفوق أكثر النجوم بلمعانه، وهو النجم الذي يطلع قبيل طلوع الفنيق، والفنيق هو اسم من أسماء الدبران.

واسم هذا النجم اللامع العيوق. ويسمّى هذا النجم باسم آخر هو رقيب النجم، أي رقيب الثريا، وقد ذكرنا سابقاً أن العرب تسمِّي الثريا النجم. وسمِّي العيّوق رقيب النجم أو رقيب الثريا لأنه يطلع بطلوعها، ويبدو قريباً منها إذا كانا في كبد السماء، ويسمّى أيضاً عيّوق الثريا.

ومعنى قوله:

وهو الذي سبقنا بذكره
خويلد بن خالد في شعره

فهو يشير إلى بيت من قصيدة لخويلد بن خالد وهو المشهور بأبي ذؤيب الهذلي ذكر فيه العيّوق قائلاً:

فوردن والعيّوق مقعد رابيء الضــــ
ــــرباء فوق النجم لايتتلع

وورد هذا البيت بصيغة خلف النجم

فوردن والعيّوق مقعد رابيء الضــــ
ــــرباء خلف النجم لايتتلع

وورد بصيغة فوق النظم

فوردن والعيّوق مقعد رابيء الضــــ
ــــرباء فوق النظم لايتتلع

قال الأصمعي : "العيوق" كوكب يطلع بحيال الثريا ويَطلع قبْل الجوزاء فهو فوقها فشبه مكان هذا العيوق من الجوزاء بمقعد رابئ الضرباء وال"رابئ" الحافظ الأمين وال"ضرباء" الذين يضربون بالقِداح , لا يتتلع أي لا يتقدم. . والمعنى أن حمير الوحش وردت والعيوق يشرف على الجوزاء لايتقدم، كإشراف الرابيء على الضرباء حين رمي قداحهم، ففي الجاهلية حين كانوا يضربون القداح للقمار، يجعلون شخصاً يشرف عليهم ليمنعهم من الاحتيال، ويسمّى الرابيء.

وهذا البيت من قصيدة حزينة من عيون الشعر العربي لأبي ذؤيب الهذلي يصف فيها حاله بعد وفاة أولاده الخمسة بالطاعون ومطلعها:

أمن المنون وريبها تتوجع
والدهر ليس بمعتب من يجزع

والتي منها:

وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لاتنفع

و منها:

وتجلدي للشامتين أريهمُ
أني لريب الدهر لا أتضعضع
والنفس راغبة إذا رغبتها
فإذا تُرَدُّ إلى قليل تقنع

ثم قال ابن الصوفي:

وغيرُهُ يذكر في الأمثال
وهو على منكب ذى الشمال

ومعناه أن آخرين غير أبي ذؤيب الهذلي قد ذكروا العيوق في الأمثال، ومن ذلك ماذكره المرزوقي في قولهم عن الشيء إذا كان مستحيل المنال أنه أبعد من العيّوق. ويقع العيّوق في صورة ممسك الأعنة على المنكب الأيسر.

العنز و الجديان

يتلوه نجمٌ دونه في العِظَمِ
لكنّه غير خفي مظلمِ
وبعده نجمان يتبعانه
و في وفور النور يشبهانه
هنّ على مثلث طويل
يطلعن من بعد طلوع الغول
يعرِف بالعنز الفريد منها
أهل البوادي وسمعت عنها
تلقيبها كلي الأثنين
التاليين العنز بالجديين

ثم يتلو العيّوق نجم نير ولكنه ليس مثل العيوق في اللمعان، ويتلو هذا النجم نجمان قريبان منه في اللمعان، وهذه النجوم الثلاثة تشكل مثلثاً ذا طول وطلوعها يكون بعد طلوع نجم رأس الغول. والأول من هذه النجوم يعرفه أهل الباديةبالعنز وأما الاثنين التاليين فيسميان الجديان. ولكن الظاهر أن العنز والجديين ليست من أسماء العرب لهذه النجوم، فهي توافق تماماً الصورة الإغريقية، ولم يذكرهما ابن قتيبة ولا المرزوقي، كما يظن المستشرق الألماني كونيتش أن هذين الاسمين مترجمان عن اليونانية.

توابع العيّوق و الأعلام

وكل هذي الأنجم اللوامع
تُعرفُ بالأعلام والتوابع

ويتلو العيّوق ثلاثة نجوم لامعة وهي التي على الكتف اليمنى وعلى الساعد الأيمن والقدم اليمنى، وتسمّى الأعلام وتسمّى توابع العيوق.

ويسمّى النجم اللامع على القدم اليسرى رجل العيوق، وهذا كما وصفه ابن قتيبة.

فوائد

العيّوق هو سادس ألمع نجوم السماء. وهو من النجوم التي يستدل بها على الشمال الشرقي، وعلى الشمال الغربي حيث يكون طلوعه وغيابه. يقع العيّوق على حافة المجرّة وهي بينه وبين الثريا.

أفضل الأوقات لرؤية نجوم ممسك الأعنّة هي أشهر الخريف وأوائل الشتاء.الخباء هو اسم البقعة التي يحيط بها العيّوق وذات الكرسي والجدي ورأس الدب الأكبر.