قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:
وبعد ذكرنا لكوكبة الجدي فيما سبق، نشرح الآن شكل الدالي شرحاً موجزاً. والدالي هو صاحب الدلو الذي يرسله في البئر ثم يرفعه وقد امتلأ.
قال الراجز أن العرب تسمِّي هذه الكوكبة بالدلو وتسمِّيها ساكب الماء، ولا شك أن هذين الاسمين ليسا من الأسماء الأصيلة لهذه النجوم عند العرب بل هما من الأسماء المترجمة عن اليونانية. ويتضح ذلك من وصف الصورة عند الراجز إذ قال أن هذه النجوم قد شبهت برجل في يده اليمنى ذنوب مليء بالماء، والذنوب هو الدلو الذي فيه ماء، وهذا الرجل يسكب من هذا الذنوب مياهاً كثيرة تمتد مثل امتداد النهر إلى جهة الجنوب وينقطع هذا النهر عند نجم ساطع سمّته العرب الضفدع الأول.
يجدر بالذكر أن الدلو عند العرب يطلق على نجوم الفرغين والكَرَب والموجودة في صورة الفرس.
يقول أن نجوم الماء المنسكب والذي يشبه النهر تنقطع عند نجم ساطع مضيء تسمِّيه العرب الضفدع الأول. وهذ النجم عند الروم ومن تبع طريقتهم في صور الكواكب من المنجمين يجعل على الفم من صورة الحوت الجنوبي.
وورد في مخطوطة أخرى هذان البيتان:
يفيد أولهما أن لنجم الضفدع الأول اسمٌ آخر أيضاً هو الظليم والظليم هو ذكر النعام. والظليمان هما هذا النجم والنجم الذي يسمّى المحلف. وأما البيت الثاني فيقول أن الروم والمنجمون يجعلون هذا النجم على الفم من صورة الحوت الجنوبي.
وأود الإشارة هنا أن كلمة "المنجمون" أو "من تنجما" أو مثل ماقال "يزعم من قد أنجما" ترد في وصف الفلكيين الذين يتبعون مذهب اليونانيين في تسميات الكوكبات.
وفي صورة ساكب الماء على باطن يده اليسرى، تجد ثلاثة نجوم خافتة. هذه النجوم هي أحد نجوم السعودات عند العرب، وتطلع من الأفق بعد طلوع نجوم سعد الذابح الذي هو من نجوم الجدي. اسم هذه النجوم عند العرب سعد بلع. وسعد بلع هو المنزل الثالث والعشرون من منازل القمر.
ويتبع سعد بلع في الطلوع نجمان متقاربان والأعلى منهما أكثر سطوعاً. وهذان النجمان هما سعد السعود، وسعد السعود هو المنزل الرابع والعشرون من منازل القمر.
ويتلو سعد السعود نجمان آخران مسافة مابينهما تقارب الشبرين. وورد أن اسمهما سعد الملك عمّن هو واثق في روايته. وموقع نجوم سعد الملك من صورة ساكب الماء على المنكب. وسعد الملك هو أحد السعودات العشرة.
ويتبع سعد الملك ثلاثة من النجوم تحيط بنجم رابع. وذكر الراجز عن هذه النجوم أنها كبير الجرم أي لامعة، وليست كذلك وربما قالها من أجل القافية. طلوع هذه النجوم هو علامة على طيب الهواء وتسمِّيها العرب سعد الأخبية. وهذه النجوم بعيدة عن المجرّة وقال أنها تدعى نجوم الجرّة وتفسير ذلك أن بعض صور ساكب الماء تظهره ممسكاً بجرة يصب منها الماء، وموقع نجوم سعد الأخبية على هذه الجرّة. انظر على سبيل المثال صورة ساكب الماء في مخطوطة بودليان.