قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:
ثم يتبع النجوم التي ذكرناها سابقاً كوكبة تسمى قيقاوس عند الروم بينما تسميها العرب الملتهب. وقوله "لكنها عند العرب تعرف فيما بينها بالملتهب"، فالصحيح أن العرب لم تعرف هذه النجوم بهذا الاسم، ولكنها الترجمة العربية لكلمة إغريقية او ربما فينيقية كانت تطلق على هذه النجوم، والاسم اللاتيني Cepheus الذي عرّب إلى قيقاوس هو لشخصية أسطورية عند الإغريق كانت ملكاً لمملكة إثيوبيا، وإثيوبيا في الإغريقية مشتقة من كلمة تعني الالتهاب وربما من هنا جاء اسم الملتهب، وذكر أيضا أن الاسم الفينيقي لهذه المجموعة يعني الملتهب. بينما يذكر ريتشارد هنكلي ألن في كتابه الشهير: Star Names: Their Lore and Meaning أن الاسم ربما جاء من إحاطة المجرة برأس صورة قيقاوس فبدا وكأنه يلتهب.
وورد هذا البيت في مخطوطة أخرى بديلاً عن البيت الثاني، وهو أصح في المعنى، حيث يقول أن هذه الكوكبة تسمّى قيقاوس وقد تسمّى الملتهب عند الروم، ولكنها عند العرب تسمّى الشاء
وأول نجوم هذه الكوكبة في ترتيب بطليموس والصوفي، نجم خافت مقارنة بغيره من النجوم، وهذا النجم ليس له اسم عند العرب وذكره أبو علي بن الحسين في الأرجوزة لتسهيل معرفة النجمين التاليين، حيث قال أن هذا النجم يتلوه نجمٌ مضيء بينهما قدر باع وهو مايقارب 10 درجات. وبين هذين النجمين نجم مطموس الضياء يبعد حوالي الذراع من النجم المشع وهو مايقارب ثلاث درجات، ويسميه العرب كلب الراعي وتراه منفرداً في بقعته من السماء، بينما يسمي العرب النجم المنير الراعي.
النجم الموجود على الساق اليمنى، هو الذي عناه الصوفي بقوله "أولهن كوكب صغير" وليس لهذا النجم اسم خاص عند العرب. وانظر إلى إحاطة المجرة برأس قيقاوس.
وأما بقية نجوم هذه الكوكبة فقد اختلف الرواة فيها، ولكني سأذكر الصحيح وأدع من الروايات السقيم. ترى على منكب صورة قيقاوس نجماً، تليه نجومٌ صغيرة وهي الثلاثة التي تظهر على القلنسوة، وترى أيضاً نجماً مضيئاً بالقرب من حزام قيقاوس، يقدمه سطر متسق مقوس من عدة نجوم صغيرة بينه وبين النجم الذي يسمّى الراعي. وهذان النجمان المضيئان تسميهما العرب كوكبي الفرق. وفوق هذين النجمين نجم خافت كأنما يستره حجاب تسميه العرب القرحة، وهو يقع في صورة قيقاوس على الصدر.
وترى على بدن قيقاوس مجموعة من النجوم الكثيرة الخافتة تسميها العرب الشاء أو الأغنام.
وترى على ذراع الملتهب، نجمين لماعين ويتلوهما عدة كواكب خافتة تشكل معهما دائرة، تسميها العرب القدر.
وأما قوله "وبعد ذكري ماسمعت ذكره" فهو يقصد أنه بعد أن سمعت ما ذكرنا من شأن كوكبة قيقاوس، سنذكر خبر كوكبة العوا، وذلك فيما يأتي من الأرجوزة.
منهج ابوعلي الحسين بن عبدالرحمن الصوفي في ترتيب الكوكبات هو نفس ترتيب والده في كتابه صور الكواكب، وقد بدأ بالدب الأصغر الذي يقع في دائرة القطب، ثم الدب الأكبر ثم التنين ثم قيقاوس في الدائرة الثانية حول القطب. وهي تتبع بعضها في الطلوع والدوران، وبعد أن يتم الكوكبات في الدائرة الثانية ينتقل للكوكبات في الدائرة التي بعدها وهكذا حتى يصل إلى دائرة البروج، ثم ينتقل إلى الدوائر جنوب دائرة البروج.
انظر إلى ترتيب ذكر الكوكبات حسب موقعها من القطب.