ذِكْر ذات الكرسي

قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:

• كواكباً قد شبهت بعنس
• وبعدها نذكر ذات الكرسي
• أحدها على سنام الناقة
• تبصرها لماعةً براقة
• يتابع النسر إذا النسر شرق
• وهو عظيم الجرم ذو نور يَقق
• يجيء في أشعارهم وفي الخطبْ
• يعرف بالكف الخضيب في العَرَبْ
• هن جميعاً في خلال الصورة
• وتحته كواكب منيرة
• وبعضها على الفخذين والذنب
• فبعضها واقعة على القَتَب
• قد شُبِّهت وعند من قد نجما
• وهذه الأنجم عند القدما
• كما حكاه الثقة الخبير
• بغادة يرفعها سرير
• على نظامٍ كلهن مظلمُ
• يُبْدَأ من عند الخضيب أنجمُ
• قد يجعلوها عنقًا للناقة
• لسن إذا أشرقن بالبراقة
• بالعُنُق من كواكب المسلسلة
• ورأسها كواكبٌ متصلة
• هما من العنس على منسمها
• وكوكبان اثنان من أنجمها
• قد جعلت في فخذ العنس سمة
• ولطخة تدعى السحابي مظلمة

ذات الكرسي و الناقة

• كواكباً قد شبهت بعنس
• وبعدها نذكر ذات الكرسي
• أحدها على سنام الناقة
• تبصرها لماعةً براقة

ونشرح الآن الكوكبة التي تسمى ذات الكرسي، وهي عند الروم كما وصفها عبدالرحمن بن عمر المعروف بأبي الحسين الصوفي، صورة امرأة قاعدة على كرسي له قائمة كقائمة المنبر وعليه مسند وقد أدلت رجليها. ولكن العرب شبهت كواكب هذه الصورة بشكل العَنْس، والعَنْس هي الناقة القوية وقيل لها عنس لأن العنس أيضاً الصخرة، فهي الناقة التي تشبه الصخرة بصلابتها.

سنام الناقة و الكف الخضيب

• أحدها على سنام الناقة
• تبصرها لماعةً براقة
• يتابع النسر إذا النسر شرق
• وهو عظيم الجرم ذو نور يَقق
• يجيء في أشعارهم وفي الخطبْ
• يعرف بالكف الخضيب في العَرَبْ

ونجوم هذه الصورة لمّاعة، وأحد هذه النجوم موقعه على سنام الناقة، وكذلك سمته العرب، وله اسم آخر أيضاً وهو الكف الخضيب كما سيبين لنا الراجز. وهذا النجم من النجوم المضيئة في السماء نوره أبيض يقق، ومعنى يقق أي ناصع البياض، وتعرف وقت طلوعه إذا رايت النسر الطائر مشرقاً فهو يتبعه في الشروق بعد حوالي الساعة ونيِّف.

وهذا النجم تسميه العرب الكف الخضيب، ويرد في أشعارهم وخطبهم، وأما تسمية الكف الخضيب فقد جاءت لأن نجوم ذات الكرسي والتي تشبه الحرف اللاتيني W جاءت كنقش الحناء على الكف، وهذا الكف هو كف الثريا الذي يأتي في نهاية يدها الممدودة، والتي تشكلها سطر من النجوم بين الثريا والكف الخضيب. وأما اليد الأخرى للثريا فهي يد قصيرة وتسميها العرب الكف الجذماء. قال الشاعر:

• طلوع الزبانى قبل ذاك مع الفجر
• وأهدى لها الوسمي سبعاً وسبعة
• على الأرض إلا وهي موشية الأزر
• فما بسطت كف الخضيب بنانها

وقال:

• وَقَد دَنتِ الثُرَيّا لِلغُروبِ
• سَرى وَاللَيلُ مُزوَرُّ الجُنوبِ
• كَمَن يَرجو مُصافَحَةَ الحَبيبِ
• وَمَدَّت كَفَّها الجَذما قَليلاً
• نَعائِمِ طارَ عَن كَفِّ الخَضيبِ
• كَأَنَّ النسرَ حينَ رَأَى وُرودَ ال

وقال البحتري:

• كانَت لَهُ الكَفُّ الخَضيبُ رَقيبا
• أَو كَالسِماكِ إِذا تَدَلّى رُمحُهُ

النجوم الملحقة بالكف الخضيب

• هن جميعاً في خلال الصورة
• وتحته كواكب منيرة
• و بعضها على الفخذين والذنب
• فبعضها واقعة على القَتَب

وتحت نجم سنام الناقة نجوم مضيئة أخرى كلها تدخل من ضمن صورة الناقة. وبعض هذه النجوم واقع على القتب، والقتب هو إكاف البعير، وهو رحل البعير، واسم قتيبة مصغر من القتب.

وسأورد هنا قصة لاعلاقة لها بموضوعنا ولكن فيها فائدة لغوية وتاريخية. في فتوح خراسان: أَن قُتَيبة بن مسلم، لما أَوقع بأَهل خُوارَزْمَ، وأَحاط بهم، أَتاه رسولهم، فسأَله عن اسمه، فقال: قُتَيبة، فقال له: لستَ تفتَحها، إِنما يفتحُها رجل اسمه إِكاف، فقال قُتَيبة: فلا يفتحها غيري، واسمي إِكاف.

يقول ابن الصوفي، وبعض هذه النجوم المضيئة واقع في مكان الرحل وبعضه في مكان الفخذ وبعضه على الذيل. والموجود على الفخذ هو حشد نجمي يسمى الحشد المزدوج ويسمى NGC 869 تخيله العرب وسماً على فخذ الناقة.

صورة نجوم ذات الكرسي

• قد شُبِّهت وعند من قد نجما
• وهذه الأنجم عند القدما
• كما حكاه الثقة الخبير
• بغادة يرفعها سرير

وهذه المجموعة من النجوم شبهها قدماء الروم وعلماء النجوم بامرأة مرتفعة على كرسي. وقد تبين ذلك من الصور الموضحة.

رأس الناقة و عنقها

• على نظامٍ كلهن مظلمُ
• من عند الخضيب أنجمُ
• قد يجعلوها عنقًا للناقة
• لسن إذا أشرقن بالبراقة
• بالعُنُق من كواكب المسلسلة
• ورأسها كواكبٌ متصلة

ويبدأ من عند نجم الكف الخضيب مجموعة منتظمة من النجوم الخافتة. وهذه النجوم شبهتها العرب بعنق الناقة وليس بينها نجم لامع. وأما رأس الناقة فهو نجوم متصلة بهذه النجوم الخافتة التي تشكل العنق، ولكنها جزء من نجوم كوكبة المرأة المسلسلة.

وسم الناقة و بدنها

• هما من العنس على منسمها ُ
• وكوكبان اثنان من أنجمها
• قد جعلت في فخذ العنس سمة
• ولطخة تدعى السحابي مظلمة

ومن نجوم المسلسلة، نجمان يقعان بالنسبة للناقة على منسمها، والمنسم هو الخف، وقد ذكر الصوفي في كتابه أن النجمين الذين على ساق المسلسلة يقعان من الناقة على بدنها. وجعل العرب من اللطخة السحابية وهي الحشد النجمي المعروف باسم الحشد المزدوج، وسم الناقة على فخذها.

فوائد

- العرب تصورت هذه النجوم بشكلين مختلفين، الأول هو الكف الخضيب للثريا والثاني شكل الناقة وسمّت نجماً واحدا باسمين مختلفين هما الكف الخضيب وسنام الناقة.

- نجوم ذات الكرسي التي بشكل W تقع في المجرة وأفضل الأوقات لرصدها هي شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر حيث تكون فوق الأفق معظم الليل.

• الطائر(الدجاجة)

• إعداد قتيبة أقرع

• حامل رأس الغول