قال ناظم الأرجوزة أبو علي الحسين بن عبدالرحمن الرازي، ابن الفلكي الشهير عبدالرحمن بن عمر الرازي المشهور بالصوفي:
يتبع كوكبة الجبار نجوم كوكبة النهر، وهي سلسلة من النجوم تبتديء من عند النجم المسمّى رجل الجبّار، وهو النجم المسمّى رجل الجوزاء، وتتعرج هذه السلسلة كانعراج النهر حتى تصل إلى النجوم الأربعة الموجودة على صدر الحيوان البحري قيطس، وبعد ذلك تنعدل هذه السلسلة ناحية الجنوب ثم تمتد حتى تنتهي إلى نجمٍ من ألمع النجوم لاتكاد العين أن تخطئه من شدة لمعانه.
ذكر الراجز أن بداية نجوم النهر هي من عند رجل الجوزاء اليسرى، ولكن لم يذكر اسم النجوم التي في بداية النهر، والعرب تسمّي هذه النجوم بكرسي الجوزاء المقدّم، وللجوزاء كرسي آخر على كوكبة الأرنب يسمّى كرسي الجوزاء المؤخر.
وتنتهي هذه السلسلة إلى نجم منفرد يتميز بشدة لمعانه وتكاد لاترى بالقرب منه نجوماً أخر. اسمه عند العرب الظليم، والظليم هو ذكر النعام، وأما الروم فاسم هذا النجم عندهم هو آخر النهر.
والمشهور الآن أن اسم هذا النجم هو المحلف، وقد ورد عند المرزوقي باسم المحنث من بين الدراري الخمسة عشر، والدراري هي ألمع النجوم التي عرفها العرب وهي الشعريان، وسهيل، والمحنث، والعيوق، والسماكان، والدبران، وقلب الأسد (الملكي)، والنسر الواقع، والصرفة، ومنكب الجوزاء ورجلها، وألمع كواكب الفرغين.
والظليم هو النجم الذي يظنّه كثير من الناس سهيل، وذلك لأنه يجري مجراه من السماء ويقرب منه في اللمعان. ولذلك سمي المحلف والمحنث، لأنه يجعل الذين يختلفون فيه يحلفون لتأكيد دعواهم أنه سهيل أو غيره.
وبين الظليم والنجم اللامع الموجود على آخر الماء المنسكب من كوكبة الدلو، وهو الضفدع الأول، كثير من النجوم الخفية والبيِّنة. اسم هذه النجوم الرئال. والرئال هي صغار النعام.
من نجوم النهر، نجوم تسمّى أُدْحِي النّعام. لم يذكرها الراجز على الرغم من ورودها في كتاب صور الكواكب. وهي نجوم في بقعة بين كوكبة قيطس والنهر، لها شكل ناقص الاستدارة. والأدحي هو عش النعام وموضع بيضه.
النجوم حول أدحي النعام تسمى البيض والقيض. والبيض معروف والقيض هو قشور البيض.
بذلك نرى أن العرب تصورت هذه النجوم الموجودة في كوكبة النهر وماحولها كمجموعة من النعام في الصحراء ومعها صغارها وأعشاشها وبيضها وقشور البيض المتكسر وبجانبها الظليم الذي هو ذكر النعام وألمع هذه النجوم.